رحلة إلى اليقين - 14 يونيو 2017
2021-10-23 618
قرر الدكتور غاري ميلر Gary Miller (الكندي الجنسية المتخصص في الرياضيات والمنطق والمحاضر في جامعة تورينتو بكندا) في عام 1977م أن يُقدِّم خدمة كبيرة للمسيحية من خلال كشف أخطاء علمية وتاريخية في القرآن الكريم بطريقة من شأنها أن تعود عليه وزملاؤه في دعوة المسلمين إلى المسيحية، لكن النتيجة كانت على العكس تماما، حيث جاءت كتاباته عادلة وتعليقاته إيجابية لدرجة أن حياديته كانت أفضل من حيادية كثير من المسلمين الذين كتبوا عن القرآن الكريم، وحينها لم يكن قد قابل مسلمًا في حياته -على حد زعمه- بسبب أنه يعيش على بعد مئات الأميال من أقرب بلد مسلم.
كان ميلر من المُبشِّرين النشطين جدًا في مجال الدعوة للنصرانية، لما لديه من علمٍ غزير بالإنجيل، وشغف بالتسلسل المنطقي للأمور.
خُيِّل إليه أن يجد القرآن الكريم كتابًا قديمًا مضى عليه أكثر من أربعة عشر قرنًا من الزمان، لكنه دُهِشَ- كما يقول- لما وجده في القرآن الكريم، وظهر له أن القرآن يحتوي على أشياء لا توجد في أي كتاب آخر في العالم، بل إن ما شدَّ انتباهه وجعله في حيرة من أمره وجود سورة كاملة في القرآن الكريم باسم: (سورة مريم)، وفيها تشريف لمريم عليها السلام، لا وجود لمثله في كتب النصارى، إضافة إلى ذكر عيسى بالاسم في خمسة وعشرين موضعًا من القرآن الكريم في حين أن النبي- صلى الله عليه وسلم- لم يُذكَر إلا خمس مرات فقط مما زاد من حيرته.
عندها أخذ يقرأ القرآن بتدبُّر أكثر، عَلَّه يجد ما يؤخذ عليه، حتى كان الطريق لهدايته إلى الإسلام قوله تعالى في الآية الكريمة: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّـهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا).. (النساء: ٨٢).
ومما قاله ميلر عن هذه الآية يتجلَّى في دعوتها للمسلمين وغيرهم إلى إيجاد الأخطاء والاختلافات، إن كانت موجودة في القرآن الكريم، ويختم بقوله عن الآية الكريمة السابقة: «لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة بالقول إن مؤلفه خال من الأخطاء غير القرآن الكريم ذكر فيه رب العزة والجلال باستحالة وجود اختلاف فيه، وهذا جعله يستنتج أن القران الكريم لا يمكن أن يكون من عمل بشر.
اعتنق الدكتور ميلر الإسلام في عام 1978م، وغَيَّرَ اسمَهُ إلى «عبدالأحد»، ثم كرس حياته للدعوة إلى الإسلام من خلال البرامج التلفزيونية والمحاضرات العامة خدمةً للإسلام والدفاع عنه، ولديه الكثير من المناظرات مع رجال الدين، النصارى، الذين كان هو نفسه أحدهم، وقام بكتابة الكثير من المؤلفات عن الإسلام مثل: (القرآن المذهل، الفرق بين القرآن والكتاب المقدس، إضافة إلى كتابه نظرة إسلامية لأساليب المبشرين).
إنها رحلة من التيقن والمعايشة الحقيقية لكلام رب العالمين، استطاع من خلالها أن يعتنق الإسلام بمطلق الاختيار وبمنتهى الأريحية والاطمئنان إلى هذا الدين القويم، الذي قرره الله عز وجل من قبل في قوله تعالى: «إن الدين عند الله الإسلام»، فكان إسلام ميلر شاهدًا على العصر ودليلًا لكثير من أهل الكتاب الحائرين، ونموذجًا إنسانيًا للتدبُّر والتفكُّر والتأمُّل في كون الله المكتوب فضلًا عن كون الوجود المرقوب.